اصطلاحا: هي إحدى الفرق الشيعية ويسمون أيضا: السبعية، الباطنية، الحشاشون ، الفداوية، ويطلق
عليهم خصومهم اسم: الملاحدة، كما ينكر هؤلاء الخصوم على أئمتهم أنهم من سلالة محمد ابن إسماعيل
بن جعفر الصادق وينسبونهم إلى أحد الغلاة من الشيعة وهو عبد الله بن ميمون القداح ، الذي يعد المؤسس
الحقيقي لهذه الفرقة.
والإسماعيلية تتفق مع الشيعة الإمامية (الاثنا عشرية) على صحة إمامة الأئمة الستة الأول ابتداء من
على بن أبى طالب إلى جعفر الصادق - رضي الله عنهم ، لكن الخلاف وقع بين الفريقين حول أي من
أبناء جعفر أحق من أخيه بالإمامة: موسى الكاظم أم إسماعيل ، وقد تبع الشيعة الإمامية موسى، بينما
تبع الإسماعيلية إسماعيل ومن بعده ابنه محمد بن إسماعيل فسموا الإسماعيلية، وكان لهم اتجاه عقائدي
متطرف يباعد بينهم وبين عقائد الشيعة الإمامية وتقاليدها المحافظة.
وبدت بوادر هذا الاتجاه المتطرف في حياة الإمام السادس جعفر الصادق نفسه (توفى سنة 148هـ/765م)إذ
هاله أن يرى جمعا من أصحاب المقالات والفرق الغالية يلتف حول ابنه إسماعيل وعدّ ذلك نذير شؤم.
وقد تحققت نبوءة الإمام الصادق ،فضمت فرقة الإسماعيلية منذ نشأتها عددا كبيرا من القيادات المتطرفة
في التشيع ،وغدت استمرارا لحركات الغلوُ فيه ، وظهر هذا الغلو في حركة القرامطة الإسماعيلية.
وتدور عقائد الإسماعيلية ، حول الإمام ، فالدين أمر مكتوم ، لا يُعرف إلا عن طريق إمام مختار عنده
علم التأويل وتفسير ظواهر الأمور والنصوص ، فلكل تننريل تأويل ، ولكل ظاهر باطن ، وشرائع الإسلام
وفرائضه كالصلاة والزكاة والحج وغيرها لها معان أخر غير معانيها الظاهرة، لا يقف عليها إلا الإمام
ودعاته الكبار المهديون.
والإمام قد يكون مستورا وقد يكون ظاهرا، فإن كان مستورا فدعاته ظاهرون ، وان كان ظاهرا فدعاته
مستورون يعملون في خفية عن أعين الرقباء، وزعموا أن دور الستر- الذي بدأ بمحمد بن إسماعيل
- قد انتهى بظهور الإمام عبيد الله المهدي في بلاد المغرب (سنة 629هـ/909م)التي أقام بها الدولة
الفاطمية. وحين دخلت مصر في قبضة الفاطميين سنة (362هـ/972م)تزايد طموحهم لبسط سيطرتهم
على العالم الإسلامي كله ، فتحركوا في تنظيم محكم دقيق لبث دعاتهم فى العراق والمناطق الشرقية
الخاضعة للخلافة العباسية، يدعون الناس بها إلى اعتناق مذهبهم والخضوع بالتالي لنفوذ الخلافة
الفاطمية بالقاهرة.
وتحقق أول نجاح لهم في المشرق الإسلامي في عهد المعز لدين الله ، حين أقام دعاة الإسماعيلية في
"المُلتان" -في باكستان الحالية- دولة إسماعيلية خطب فيها للخليفة الفاطمي منذ سنة (348هـ/959م).
ولكن السلطان محمود الغزنوى قضى على هذه الدولة في سنة (401هـ/1010م) وفى سنة (483هـ/1090م)
استطاع واحد من كبار دعاة الفاطميين ودهاتهم وهو الحسن بن الصباح أن يؤسس دولة إسماعيلية
قوية في المنطقة الجبلية الواقعة جنوبا بحر قزوين ويجعل من قلعة "ألموت" المنيعة عاصمة لها، وأنشأ
منظمة إرهابية أطلقوا على أعضائها اسم "الفداوية" كان نشاطها قائما على اغتيال المناوئين ، فاغتالوا
عددا من الخلفاء والسلاطين والوزراء وأقضّوا مضجع حكام الدول المجاورة طيلة ألفترة التي عاشتها
دولة الإسماعيلية في إيران حتى قضى - عليها المغول بقيادة هولاكو سنة (654هـ/1256م).
كان الإسماعيلية في إيران قد قطعوا علاقتهم المذهبية بالخلافة الفاطمية بمصر عقب وفاة المستنصر
بالله (سنة 487هـ/1093م) وتولى ابنه الأصغر المستعلي عرش الخلافة، وقالوا إن الابن الأكبر -"نزار"
هو الأولى بالخلافة- فعرفوا منذ ذلك الحين بالنزارية، واستقلوا عن مركز التشريع المذهبي بالقاهرة،
ومضوا شوطا بعيدا في الأخذ بالتأويل الذي بلغ أقصى درجاته عندهم ، فى عهد ملكهم الحسن بن محمد
- إلى رفع التكاليف الشرعية كلها عن الناس ، وإنزال العقوبات الصارمة بمن يواظب على أداء العبادات.
وقد استقرت إمامة الإسماعيلية بالنزارية في ملوك أَلَمُوت حتما قضى المغول على آخرهم - وهو ركن
الدين خورشاه سنة (654هـ/1256م) ، وتتناقض الروايات المتعلقة بتسلسل الأئمة الذين خلفوا ركن
الدين حتى أصبح من الصعب تحديد أسمائهم وسني حياتهم ، وقد قيل: إنهم استتوا في أذربيجان ثم
كونوا طريقة صوفية عرفت باسم "نعمة إلهى" أي النعمة الإلهية، وشارك بعضهم في الحياة السياسية
في إيران في القرن الثامن عشر، ثم إن إمامهم حسن على شاه انتقل إلى بلاد الهند لأسباب سياسية،
وأتخذ من بومباي مركزا له في سنة 1843م،فأصبحت بومباي منذ ذلك الحين مقرا لإمامة الإسماعيلية
النزارية. وحين توفى سلطان محمد شاه في سنة 1957م خلفه الأغاخان الحالي: كريم خان.
وينتشر الإسماعيلية في الوقت الحالي في مناطق عديدة من العالم في سوريا وعمان وإيران وآسيا
الوسطى وباكستان ، ويكثرون في الهند وشرق إفريقيا.
أ.د/محمد السعيد جمال الدين
مراجع الاستزادة:
1- معرفة الرجال ، أبو عمر بن عبد العزيز الكشى ، بومباي 1317هـ.
2- فرق الشيعة، أبو محمد الحسن بن موسى النوبختى، طبع النجف 1936م.
3- كتاب المقالات والفرق ، سعد الدين عبد الله خلف الأشعري القمى، تحقيق محمد جواد مشكور، طبعة
الأزهر.
4- طائفة الإسماعيلية، محمد كامل حسين ، مصر 1950م.
5- دولة الإسماعيلية في إيران ، محمد السعيد جمال الدين ، الدار الثقافية، ط2، 1999م.