تسعة من كل عشرة مسلمين
أُخذَتْ عينة من مسلمي بريطانيا وسئلت في ذكرى عام على مقتل نحو خمسين راكبا في ثلاثة انفاق للقطارات وحافلتين في لندن في عمل ارهابي نفذه اربعة مسلمين بريطانيين. حاول الاستبيان قراءة عواطفهم والعواطف جياشة. جاءت النتيجة بان واحدا من كل عشرة يتضامن مع الارهابيين الذين ارتكبوا الجريمة قبل عام في لندن. السامعون والقراء هالهم الأمر كيف لأحد ان يتعاطف مع مجرمي 7 / 7 ؟
الحقيقة انها قراءة خاطئة. يفترض ان نقرأ النسبة معكوسة حتى نفهمها بصورة أفضل. فمن الطبيعي ان تأتي النتيجة بعشرة من كل عشرة من بيض بريطانيا الذين كانوا سيعلنون تماما انهم ضد ما حدث، لكن ان يقف تسعة من كل عشرة من المسلمين ضد اخوانهم الارهابيين فهو رقم يدلل على عقلانية الاغلبية الساحقة منهم. بكل أسف ما قرأه البعض هو أن هناك واحدا من كل عشرة مع الارهاب، وهي نسبة اقلقت كل من سمع بها بدون ان يتذكر من هي العينة. في نظري النتيجة محترمة لمجتمع شقته وسائل اعلام التحريض الداخلية والخارجية، وبعضه عانى من عنصرية شخصية. وبالتالي ان يبقى تسعة من كل عشرة من المسلمين ضد الفاعلين، وضد الارهاب، فذلك رقم يستحق التقدير بالفعل. فالفرقة الناجية هنا تمثل الأغلبية ولم تحدث عن عصبية لعرقها، او جهل منها، او خوف، بل عن قناعة وشجاعة.
لنتذكر ان طبيعة الارهاب عالمية لا محلية. الجريمة في بريطانيا فاعلوها هم من مسلمي بريطانيا، تماما كما حدث في المغرب والسعودية والأردن ومصر غيرها من قبل. الفاعلون هم من جنسية البلد. فلا نلومن مسلمي بريطانيا لأن الفاعلين يمثلون فكرا يؤيده الواحد من كل عشرة، او لنقل يرفضه تسعة من كل عشرة.
وكما قال لي احدهم في لندن بعد الحادثة ان الصدمة التي اصابت لندن تتجاوز مأساة الولايات المتحدة رغم ان عدد قتلى الأولى الى الثانية هي خمسين الى أكثر من الفي انسان. السبب ان فاعليها من ابنائهم. البريطانيون عاشوا في وهم ان مناخهم الحر ضمانة ضد الارهاب. وظنوا ان التطرف الكلامي هو جزء من مجتمع حر يؤمن بحرية التعبير مهما قيل وبغض النظر عن قائله. وإن اختلف المرء مع حكومته، وكثيرا ما يفعل، الا انه لا يستطيع ان يتحول الى عدو لها بل يعمل معها ويسعى لأن يتصالح بقدر ما يستطيع. فالمسلمون البريطانيون، نسبة منهم، لجأوا الى بريطانيا هاربين من الحروب الاهلية في بلدانهم، او لجأوا باحثين عن لقمة عيش لهم ولابنائهم بسبب ضيق اليد في أوطانهم، وفي حالات جاءوا بحثا عن الفرص والنجاح واحترام الذات. ايضا في معظم مراكزهم الاسلامية يحصلون على المساندة المالية او السياسية وتتحمل الحكومة تكاليف رعايتهم ونقل طلابهم لحفظ القرآن وتعلم العربية في مدارسهم الخاصة. وقد لا يكون المجتمع البريطاني مثاليا في معاملته للأقلية لكن اين هو المجتمع المثالي في عالمنا او عالمهم، أعطوني نموذجا واحدا حتى نقارن به دولة مثل بريطانيا.