داء الغفلة
الغفلة فقد الشعور فيما حقه أن
يشعر به , وإذا غفل العبد عن نفسه أو عن ماله أو عن أهله كثر المعاتبون وبرز
الناصحون ولكن المصيبة الأعظم والداهية الأطم أن يغفل العبد عن دينه أو أن يغفل عن
الله عز وجل وعن اليوم الآخر فتلك والله المهلكة قال تعالى (( إن الذين لا يرجون
لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك
مأواهم النار بما كانوا يكسبون )) رضي بالحياة الدنيا واطمأن بها وكأنها النعيم
المقيم الذي لا يحول . وغفل أنه في يوم سيرحل وسيسأل غداً عما جنت يداه فأقبل على
الشهوات ولم يفرق بين حلالها وحرامها وصفه المولى عز وجل لنا في كتابه العزيز
بقوله (( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم
الكافرين *أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأولئك هم الغافلون *لا جرم
أنهم في الآخرة هم الخاسرون ))
فنجد أحدهم لا يعقل الهدى ولا
يحب سماعه وإن حضر مجالس الخير مكرهاً خرج منها كما دخل لا يستجيب لنصيحة ولا
يتأثر بموعظة لأن الطرق التي تدخل منها الموعظة إلى القلب معطلة والقلب في غفلة
ساه لاه , فهو مشغول بزينة الدنيا مفرط في أمر دينه ومولاه وهو كالجرب يعدي كل من
جالسه وأخاه , ولذلك حذر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم والأمة من بعده من
مجالسة هذا الصنف من الناس بقوله (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة
والعشي يريدون وجهه ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من
أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )) وليست الغفلة قصراً على الجاهل
ولغير متعلم بل هناك ممن يحملون أكبر الشهادات في علوم الدنيا وهم من الغافلين
لقوله تعالى ((يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ))
وقد لخص بعض أهل العلم مضار
الغفلة في ست نقاط :
1ـ تجلب الشيطان وتسخط الرحمن
2ـ تنزل الهم والغم في القلب
وتبعد عنه الفرح وتميت السرور
3ـ مدعاة للوسوسة والشكوك
4ـ تورث العداوة والبغضاء وتذهب
الحياء والوقار بين الناس
5ـ تبلد الذهن وتسد أبواب
المعرفة
6ـ تبعد العبد عن الله جل جلاله
وتجره إلى المعاصي
وأخيراً الفرق بين الذاكر والغافل
كالفرق بين الحي والميت أخبر بذلك من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى حيث قال
(( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ))