( أنا ) كلمة جميلة تبعث السعادة والنشوة عندما ننطقها , والسر في ذلك أن كلمة ( أنا ) عبارة عن ضمير متحدث عندما ننطق بها لا نسمع غيرنا فقط , حتى السعادة في الحب أن تقول لقد أحبتني ( أنا ) , وما أحلاها من كلمة عندما تقول هذة الممتلكات والثروات ملكي ( أنا ) , وعلى الرغم من جمال كلمة ( أنا ) لكن الاعتراف بها قد يضع حبل المشنقة في رقبة قائلها , كما أن كلمة ( أنا ) تمزق القلوب خصوصا في الصدمات العاطفية فيعجز اللسان أن يقول لقد خانتني ( أنا ) مع صديقي , حتى الفنان الفاشل لا ينسب الفشل لنفسه فيعجز أن يقول ( أنا ) فنان فاشل بل يقول أعمالي ناجحة لكن الجمهور غير قادر على فهمها , والقائد المهزوم في المعركة يهرب من قول ( أنا ) انهزمت وإنما يقول جنودي جبناء أغبياء جلبوا لي العار والهزيمة . ( أنا ) الكلمة التي تضعنا أمام أنفسنا كالكتاب المقروء , وقد تتحول ( أنا ) عند البعض إلى إله كما حدث مع فرعون (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) , من هنا عرفنا خطورة كلمة ( أنا ) التي تسحب قائلها في هدوء للهلاك .والعجيب احيانا نتخذ كلمة ( أنا ) كمبرر للأخطاء, فمثلا يزنى الرجل أو المرأة و يبررا فعلتهما بقول ( أنا) ضحية الحب والغرام وكأن كلمة ( أنا ) تحولت لشيطان يبيح لهما الرذيلة , والسكران المسطول يعلل شربه المخدرات بقول ( أنا ) اشربها كعلاج ومسكن لمرضى وأحزاني وهمومى وكأن كلمة ( أنا ) تحولت لطبيب رخص له شرب المحرمات , حتى الحيوان يشعر بقوته فالأسد إثناء تربصه للفريسة وانقضاضه عليها يشعرك بأنه يقول ( أنا ) ملك الغابة افترس ما اشاء, حتى الشيطان أهلكته كلمة ( أنا ) (قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) , والواقع لم يفهم المعنى الحقيقي لكلمة ( أنا ) غير الأنبياء والرسل والشهداء فعلمونا بأن كلمة ( أنا ) خلقت لخدمة البشرية وها هو الرسول صل الله عليه وسلم أعظم العظماء يقول في تواضع انه بشر مثلنا (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) فالشهيد يعرف جيدا معنى كلمة ( أنا ) لذلك تجد الشهيد يضحى ( بالأنا ) الخاصة به في سبيل الله والوطن , وعليه إخواني كل ما دون الله لا يحق أن يقول لفظ ( أنا ) بتكبر واستعلاء , لكن الكلمات تختلف إذا كان القائل هو الله فكلمتا ( أنا ) و( كن ) مكونتا من حرفين فبكلمة ( كن ) خلق الله الوجود , فما بالك بكلمة ( أنا ) إذا كان قائلها الله سبحانه .
بقلم/ يحيى حسن حسانين
اللهم ارحم أمواتنا جميعا وأجمعنا بهم في خير يوم نصيروا إلى ما صاروا إليه